كاشف
    المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية – كاشف، منصة مستقلة تهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة وتعزيز مبادئ أخلاقيات النشر.
    تواصل معنا
    واتسب: 00970566448448
    ايميل: info@kashif.ps
    عناويننا
    المكتب الرئيسي: فلسطين - نابلس - رفيديا - عمارة جودة - ط1.
    المكتب الفرعي: رام الله - المصيون - عمارة الطيراوي-ط1.

    كان واضحاً الاهتمام الكبير والتركيز الواضح من قبل رواد منصات التواصل الاجتماعي على السجون السورية مع كل مرحلة من مراحل تقدم فصائل المعارضة السورية وسيطرتها على المحافظات التي كانت تخضع للنظام السوري المخلوع بقيادة الرئيس السابق بشار الأسد منذ اليوم الأول التي أعلنت فيه إدارة العمليات العسكرية بدء عملية “ردع العدوان” في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024 حتى السيطرة على العاصمة دمشق في الثامن من كانون الأول 2024. 

    وتضمن البيان الأول لفصائل المعارضة بتاريخ 8.12.2024 التي أعلنت فيه عبر شاشة التلفزيون الرسمي إسقاط حكم الرئيس بشار الأسد، إعلانها أيضًا إطلاق سراح جميع المعتقلين من السجون. 

    وبالرغم من تقارير المنظمات الدولية، والشهادات الحية حول القتل والتعذيب في سجون نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تحديدًا في سجن صيدنايا، إلا أن الأسد أنكر في فترات مختلفة، وعبر وسائل الإعلام وجود القتل والتعذيب في سجونه. 

    كيف أنكر الأسد القتل والتعذيب في سجنوه؟ 

    في مقابلات أجراها الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مع وسائل ووكالات إعلام مختلفة، كان الأسد ينكر دائمًا وجود قتل وتعذيب في سجونه. ومن الأمثلة على ذلك، سؤال المراسل الاستقصائي الرئيسي في ياهو نيوز مايكل إيسيكوف في مقابلة مع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عام 2017 حول تقرير منظمة العفو الدولية الذين يتحدث عن حدوث ما بين 5 آلاف و13 ألف عملية شنق جماعية، وعن ظروف مرعبة، ومحاكمة سجناء معصوبي الأعين لمدة دقيقة إلى 3 دقائق دون وجود محامين، إضافة إلى محاكمات سرية بالمجمل. 

    أنكر الأسد وجود تعذيب أو قتل في سجن صيدنايا، بل وشكك في مصداقية المنظمة، وأكد أنها تنشر تقريرًا دون دليل على الإطلاق، بل اعتمدت على المقابلات فقط. وأضاف الأسد أن العالم يعيش في حقبة الأخبار المزيفة “Fake News”. 

    وعند سؤال المذيع حول إمكانية السماح لمراقبين دوليين بزيارة السجن والتفتيش وتقصي التقارير حول صيدنايا، كانت إجابة الأسد أن السماح يعتمد على مصداقية المنظمة المعنية، وليس أي منظمة لأن الزيارة ستستخدم لشيطنة الحكومة السورية أكثر فأكثر، وفق قوله. 

    وتحدث المذيع عن امرأة سورية في إسبانيا رفعت دعوى قضائية تتهم فيها 9 مسؤولين حكوميين في الأمن والمخابرات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث اختفى شقيقها في أحد السجون السورية. وأضاف أن المحامين الذين رفعوا الدعوى جمعوا 3000 صفحة من الأدلة، وأكثر من 50 ألف صورة تُظهر أجسادًا هزيلة ومعذبة في السجون السورية التقطها أحد المصورين الحكوميين السابقين. 

    إلا أن رد الأسد كان واضحًا: “من تحقق من تلك الصور؟ من تحقق من أنها لم تخضع للتلاعب بواسطة فوتوشوب وما إلى ذلك؟”، ليؤكد المذيع أن المرأة السورية رأت شقيقها في الصور، ولكن الأسد ادعى أنها مجرد مزاعم. وفي إجابته عن الصور أكد الأسد مرة أخرى أنها مجرد دعاية “Propaganda”، وأخبار كاذبة “Fake News” لشيطنة الحكومة السورية. 

    وفي مقابلة أجرتها روسيا اليوم مع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عام 2019، سأل المذيع أفشين راتانسي الأسد عن صحة أن الحكومة السورية قد أمرت بقتل الطفل حمزة الخطيب، وعن تعرضه للتعذيب. إلا أن الأسد نفى ذلك، وقال إنه قُتل ونقل إلى المستشفى، ولا أحد يعرف كيف مات ومن أطلق النار عليه. 

    كما وسأله راتانسي عن صحة وجود الفرع 251 أحد وحدات تعذيب المتظاهرين، ولكن الأسد أنكر مرة أخرى وجود وحدات تعذيب في سوريا، وأن النظام لا يستخدم سياسة التعذيب، مع إمكانية أن تحدث حوادث فردية في أي مكان في العالم. 

    المنظمات الدولية والشهادات الحية قبل اسقاط الحكم

    • منظمة العفو الدولية:

    في تقرير نشرته منظمة العفو الدولية بتاريخ 7.2.2017  تحت عنوان: “سوريا: المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا”، أجرت خلاله المنظمة مقابلات مع 84 شخصًا في الفترة بين كانون الأول 2015 والشهر ذاته من عام 2016.

    توزعت المقابلات على 31 محتجزًا سابقًا في سجن صيدنايا، و4 من الموظفين أو الحرس الذين سبق لهم العمل في هذا السجن و3 قضاة سوريين سابقين، و3 أطباء سبق لهم العمل في مشفى تشرين العسكري، و4 محامين سوريين، و17 خبيرًا دوليًا ومحليًا في موضوع الاحتجاز في سوريا، و22 فردًا من عائلات المحتجزين السابقين أو الحاليين في سجن صيدنايا. 

    كان من أبرز ما ورد في التقرير أن عدد المحتجزين داخل سجن صيدنايا بين 10 آلاف و20 ألف شخص، ويقسم إلى مركزي احتجاز: المبنى الأحمر، وغالبية المحتجزين فيه من المدنيين، والمبنى الأبيض الذي يشكل فيه ضباط وجنود الجيش السوري سابقًا غالبية المحتجزين فيه. 

    كشفت العفو الدولية عن قتل آلاف المحتجزين في المبنى الأحمر بإعدامات سرية خارج نطاق القضاء، وجرت عمليات الإعدام على شكل عمليات شنق جماعية، بعد محاكمات تستغرق الواحدة منها بين دقيقة واحدة و3 دقائق. 

    وقدرت المنظمة أن ما بين 5 آلاف و13 ألف شخص أُعدموا خارج نطاق القضاء في صيدنايا خلال الفترة الواقعة ما بين أيلول 2011  كانون الأول 2015. 

    وذكر التقرير أيضًا أن محتجزي المبنى الأحمر يتعرضون للتعذيب بشكل منتظم، من خلال الضرب المبرح والإساءة الجنسية في أغلب الأحيان. ويتم حرمانهم من الحصول على الطعام والشراب والأدوية والرعاية الطبية والنظافة الشخصية ما أدى إلى تفشي الأمراض والعدوى بينهم.

    • منظمة هيومن رايتس ووتش:

    قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في نسيان 2022 إن إصدار الحكومة السورية حينها قانونًا لمناهضة التعذيب، يقوم بتجريمه ويعاقب مرتكبيه يصل إلى الإعدام في حالة الاغتصاب أو الوفاة هو أمر من الصعب أخذه على محمل الجد. وأوضحت المنظمة أن التعذيب متفشي على يد سلطات الدولة السورية. 

    كما وأكدت هيومن رايتس ووتش أن الـ 53275 صورة التي سربها عسكري منشق لُقب بـ “قيصر” خارج سوريا في آب 2013، تُقدم “أدلة قاطعة على انتشار التعذيب، والتجويع، والضرب، والمرض في مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة السورية”. إلا أن الحكومة السورية لم تفعل شيئًا يُذكر لوقف أجهزتها عن استخدام التعذيب، بالرغم من الإدانة الواسعة. 

    وفي تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش في تموز 2012 تحت عنوان “أقبية التعذيب الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري في مراكز الاعتقال السورية منذ مارس/آذار 2011″، استندت فيه إلى أكثر من 200 مقابلة مع معتقلين سابقين ومنشقين عن الجيش السوري، وعن أجهزة المخابرات في الفترة بين نيسان 2011 وأيار 2012، وركز التقرير على 27 من مراكز الاعتقال السورية. 

    فيما يتعلق بظروف الاعتقال، ذكر التقرير أن المعتقلين يتم وضعهم في زنازين مزدحمة، وغالبية الذين تمت مقابلتهم أكدوا أنهم كانوا عصوبي الأعين ومقيدي الأيدي معظم الوقت، بينما قال بعضهم إنهم بقوا عراة عدة أيام. كما أن كافة المعتقلين حرموا من الطعام اللائق، والماء الصالح للشرب، ودخول المرحاض بشكل منتظم.

    في ذات السياق، قال كافة المعتقلين السابقين الذين تمت مقابلتهم إنهم خضعوا للتعذيب بإحداث الألم المبرح عمدًا أثناء اعتقالهم، وشهدوا تعذيب آخرين. وأيد منشقون من أجهزة المخابرات ممن شهدوا أو شاركوا في تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم هذه الشهادات. 

    وكانت أساليب التعذيب المستخدمة في مراكز الاعتقال والتي وثقتها هيومن رايتس ووتش هي: “الضرب المبرح واللكم والركل لمدد طويلة، والضرب بأدوات الأسلاك والسياط والعصي والمواسير، والفلقة، والشبح، و”البلانكو” (تعليق الضحية مع تقييد المعصمين خلف الظهر)، و”بساط الريح” (تقييد الضحية على لوح مسطح، مع تعليق الرأس في الهواء حتى لا يدافع الضحية عن نفسه، وطريقة الدولاب “إطار السيارة” (يرغم الضحية على الانحناء من الخصر ووضع رأسه وعنقه وساقيه وأحياناً ذراعيه داخل إطار سيارة بحيث تشل حركته تماماً ويعجز عن حماية نفسه أو نفسها من الضرب اللاحق)”. 

    إلى جانب ذلك، تم استخدام “الصعق الكهربائي (بأقطاب كهربائية أو أسلاك موصولة ببطارية)، والإعدام الوهمي، وتهديد المعتقل وأفراد العائلة بالإعدام والاغتصاب، والتعريض للبرودة والحرارة، والاعتداء الجنسي، والأوضاع المجهدة المؤلمة، كإرغام الضحية على الوقوف منتصباً لمدة ساعات أو أيام، والتعليق مع قلب الرأس إلى أسفل، و”الإيقاف على الحائط” (يقف الضحية وظهره إلى الحائط. يتم تقييد يديه إلى الحائط في مستوى الرأس. هناك عمود حديدي يبرز من الحائط ويلكز ظهره مسبباً الألم، لكنه لا يستطيع التحرك بسبب تقييد يديه. قدما الضحية على الأرض)، وانتزاع الأظافر، ونتف الشعر واللحية، واستخدام الأحماض لحرق الجلد، والإحراق، والعري لمدد طويلة”.

    وقال المعتقلين السابقين إن المحققين عمدوا إلى إذلالهم بالقول والفعل، وهددوهم وأقاربهم بالمزيد من الانتهاك، أو الإعدام في بعض الحالات. وأكد عدد منهم أنهم شهدوا موت بعض الأشخاص بسبب التعذيب تحت الاعتقال. وقال 5 من ضباط الأمن المنشقين إنهم شهدوا إعدام بعض المعتقلين وضربهم حتى الموت أثناء اعتقالهم. 

    ما بعد “ردع العدوان” وإسقاط النظام 

    أعلنت فصائل المعارضة السورية  يوم الأحد 2024.12.8 في بيان بثته على شاشة التلفزيون الرسمي عن تحرير دمشق وإسقاط حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عامًا، كما أعلنت عن إطلاق سراح جميع المعتقلين، ولا يوجد حتى إعداد هذا التقرير أي إحصائية دقيقة بأعدادهم، إلا أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت قد كشفت بتاريخ 30.8.2024 أنه ما لا يقل عن 157634 شخصًا منهم 5274 طفلًا، و10221 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري منذ آذار 2011 وآب 2024، من ضمنهم 136614 شخصًا يد قوات النظام السوري المخلوع، و8684 على يد تنظيم داعش، و5281 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و4371 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة \ الجيش الوطني، و2684 على يد هيئة تحرير الشام. 

    وأفادت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا بتاريخ 9.12.2024 أن سجن صيدنايا خالٍ من المعتقلين بكافة أبنيته، الأبيض والأحمر، وأن آخر معتقل خرج من السجن بتاريخ 8.12.2024 عند الساعة 11 صباحًا بتوقيت دمشق. وهو ما أكده الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بتاريخ 10.12.2024 إذ أوضح أن عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا قد انتهت، دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد.

    تصدرت مشاهد خروج المعتقلين من سجون نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وخرج المعتقلون يظهرون بأوضاع صحية ونفسية مؤلمة ليدلوا بشهادات صادمة حول ظروف الاعتقال التي عاشوها في السجون، والتعذيب الذي تعرضوا له. 

    وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد ذكرت بتاريخ 30.8.2024 أن حصيلة الضحايا بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار 2011 حتى تموز 2024 بلغت 15393 شخصًا منهم 15102 على يد قوات النظام السوري  المخلوع، و108 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و63 على يد جميع فصائل المعارضة \ الجيش الوطني، و58 على يد هيئة تحرير الشام، و32 على يد تنظيم داعش. 

    رابط المقالة المختصر: https://kashif.ps/ps8o
    شاركها.
    Chat Icon