كاشف
    المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية – كاشف، منصة مستقلة تهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة وتعزيز مبادئ أخلاقيات النشر.
    تواصل معنا
    واتسب: 00970566448448
    ايميل: info@kashif.ps
    عناويننا
    المكتب الرئيسي: فلسطين - نابلس - رفيديا - عمارة جودة - ط1.
    المكتب الفرعي: رام الله - المصيون - عمارة الطيراوي-ط1.

    في الثاني والعشرين من تموز المنصرم 2024، أعلنت فتح وحماس و 12 فصيلا سياسيا آخراً، في العاصمة الصينية بكين، التوقيع على اتفاق يقضي بتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وبحسب ما أفاد وزير الخارجية الصيني وانغ بي، فإن أهم نقطة في هذا الاتفاق هي “تشكيل حكومة مصالحة وطنية مؤقتة” تتطرق لملف ما بعد الحرب.

    اليوم وبعد مرور شهور على هذا الاتفاق، نضع البنود التي وقع عليها طرفا الانقسام بحضور الفصائل الفلسطينية على الطاولة، وما لحقها من بيانات صدرت عن الفصائل المختلفة بهذا الخصوص، لنتحقق من مدى صدقها وتنفيذها. 

    الادعاءات:

    • البدء بتنفيذ الاتفاق بعد عودة ممثلي الفصائل من بكين مباشرة، مع وضع أجندة زمنية لتطبيق هذا الإعلان، ومن أبرز النقاط التي تم التوافق عليها:

    ١. تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة، بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس محمود عباس، بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، ولتمارس كافة صلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة، بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وغزة، على أن تبدأ الحكومة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة، والتمهيد لإجراء انتخابات عامة، بإشراف لجنة الإنتخابات المركزية، بأسرع وقت وفقا لقانون الانتخابات المعتمد.

    2.  الاتفاق على تفعيل وانتظام الإطار القيادي المؤقت الموحد للشراكة في صنع القرار السياسي، وفقا لما تم الاتفاق عليه فى وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني الموقعة فى أيار 2011.

    3. الاتفاق على آلية جماعية لتنفيذ بنود الإعلان من كافة جوانبه، واعتبار اجتماع الأمناء العامين نقطة انطلاق لعمل الطواقم الوطنية بشكل عاجل، كما تقرر وضع أجندة زمنية لتطبيق هذا الاعلان.

    4. التمهيد لإجراء انتخابات عامة، بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت ووفقا لقانون الانتخابات المعتمد.

    • إعلان بكين مختلفاً عما سبقه من اتفاقيات، وسيفضي بالفعل إلى تحقيق المصالحة، “عدة فصائل أصدرت تصريحات وبيانات صحفية بذلك”.

     تفاصيل التحقق:

    اعتمد تحقق كاشف حول تنفيذ اتفاق المصالحة في بكين، على الدمج ما بين المصادر المفتوحة، والتواصل مع قادة الأحزاب السياسية الذين حضروا توقيع الاتفاق، ومحللين سياسيين تابعوا ملف المصالحة الفلسطينية وتابعوا تطوراته، وتوصل كاشف إلى التالي:

     الادعاء الأول: وضع أجندة زمنية لتنفيذ الاتفاق والبدء بتشكيل حكومة مصالحة وطنية مؤقتة، تستعد لما بعد الحرب على غزة.

    رغم كون هذا الادعاء ورد نصا حرفيا في اتفاق بكين، إلا أنه لم يتم البدء بتشكيل حكومة مصالحة وطنية رغم مرور 8 شهور على إعلان الاتفاق، حاولنا التواصل مع محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، وممثلها في الاتفاق، كما تواصلنا أيضا مع مكتب القيادي وعضو المجلس الثوري في فتح عزام الأحمد، والذي استلم ملف المصالحة لسنوات عديدة، ولكننا لم ننجح بإجراء المقابلة، حتى لحظة كتابة هذا التقرير.

    من جهته قال عبد دولة، المتحدث باسم مفوضية تعبئة وتنظيم فتح، إن عدم رغبتهم بالحديث عن هذا الأمر يأتي من باب الحفاظ على أرضية توافق وطني، لمصلحة الشعب الفلسطيني، نتيجة الظروف الصعبة التي نمر بها، رغم وجود بعض الأمور التفصيلية التي لم يتم الاتفاق عليها، وتركت للمرحلة المستقبلية، لأن الأولوية اليوم هي للوحدة الوطنية وتلاحم الشعب والتفافه نحو قضاياه الوطنية.

    وحول اجتماع بكين، أكد دولة أن ممثلو الفصائل لم يخوضوا في التفاصيل في ذلك الاجتماع، واكتفوا بالاتفاق على العموميات، كما ركزوا النقاش نحو بذل أقصى الجهود المشتركة “من أجل إنهاء الحرب على غزة”.

    وقال: الأولوية كانت أن تنتهي الحرب، ثم نخطو نحو إدارة الشأن الفلسطيني، من خلال سلطة فلسطينية واحدة وحكومة واحدة تكون مسؤولة عن الضفة وغزة جغرافيا وسياسيا في آن واحد، لأن الخطر المحدق اليوم الذي تسعى له اسرائيل هو فصل الضفة عن غزة.

    ولم يُجب دولة حول مدى صحة أي ادعاء من الادعاءات الواردة في هذا التحقق، واكتفى بهذا القدر من التوضيح.

    على عكس ما جاء على لسان دولة، أكد واصل أبو يوسف منسق القوى والفصائل الوطنية أن تنفيذ اتفاق بكين لم يكن مرهونا بانتهاء الحرب أبدا، وكان من المفترض أن يدعو الرئيس إلى اجتماع الفصائل الموحد بعد العودة من الصين مباشرة، كما تم الاتفاق.

    وشدد أبو يوسف، على أن مضمون الاتفاق أساسا يتحدث عن الثوابت الوطنية، مثل انضواء حماس والجهاد الإسلامي بمنظمة التحرير، إلى جانب التأكيد على حق العودة والمرجعية الوطنية و ترتيبات الوضع الداخلي الفلسطيني.

     بالتالي فإن الأمور التي تم الاتفاق عليها  لم تكن مرتبطة بالمطلق في مضمونها بانتهاء الحرب على غزة، وهذا ما يؤكد أن تنفيذ الاتفاق لم يكن مرهونا بانتهاء الحرب.

    وفيما  يتعلق بالحكومة، بين أبو يوسف أنه لم يتم الاتفاق على طبيعة الحكومة وهل هي حكومة جديدة أم قديمة، ولكن تم الاتفاق على أن تكون حكومة توافق وطني، تدير شؤون الناس في الضفة وغزة معا.

    حاولنا التواصل مع العديد من الشخصيات السياسية والقيادية في حركة حماس، من أجل الحصول على تعقيبهم حول حقيقة هذا الأمر، إلا أننا لم نستطع الحصول على أي رد منهم على هذا الأمر، حتى لحظة كتابة هذا التقرير.

    من جهته قال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي أن تنفيذ الاتفاق لم يكن مرهوناً بانتهاء الحرب وأن تأجيله لم يطرح على طاولة المفاوضات الرسمية من قبل حركة فتح. ولكن في النقاشات الجانبية عرض وفد فتح تأجيل تشكيل حكومة وفاق وطني إلى ما بعد الحرب ولكن هذا لم يطرح للنقاش على الطاولة الرسمية، ولم يتم الاتفاق عليه، ومضمون الاتفاق بشكل عام لم يكن مرهونا بوقف الحرب أبدا.

    الادعاء الثاني: تفعيل وانتظام الإطار القيادي المؤقت الموحد للشراكة في صنع القرار السياسي، وعمل اجتماع الأمناء العامين بعد العودة من الصين.

    وبهذا الخصوص، أكد الصالحي أنهم انتظروا كأمناء عامين للفصائل أن تتم دعوتهم مباشرة فور العودة من بكين إلى اجتماع يناقش ما حدث في بكين، بالإضافة إلى القضايا الأخرى الهامة المتعلقة بالوضع الفلسطيني، ولكن ذلك لم يحدث.

    تواصلنا مع ممثلة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في اجتماع بكين، ونائب الأمين العام للجبهة، ماجدة المصري، والتي أكدت أن أحد البنود الهامة التي تم التوافق عليها في بكين، هي المباشرة في دعوة الإطار القيادي الموحد المؤقت، الذي يرأسه الرئيس محمود عباس، فور العودة من بكين، بالإضافة إلى تشكيل حكومة توافق وطنية من شخصيات مستقلة ووطنية وأكاديمية، وهذا كله لم يكن منوطا بانتهاء الحرب على غزة.

    وقالت: ولكن مع الأسف ورغم مرور نحو 8 شهور على اتفاق بكين، إلا أنه حتى الآن لم تتم الدعوة إلى اجتماع للإطار القيادي الموحد من قبل الرئيس، كما لم يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية كما تم الاتفاق.

    الادعاء الثالث: التمهيد لإجراء انتخابات عامة، بإشراف لجنة الانتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت ووفقا لقانون الانتخابات المعتمد.

    أيضا على الرغم من مرور 8 شهور على توقيع اتفاق بكين إلا أنه لم يصدر أي بيان عن الرئاسة الفلسطينية، أو حتى عن لجنة الانتخابات المركزية بأن الرئيس أوعز لها بالبدء بالتحضير للانتخابات العامة، وكون لجنة الانتخابات المركزية هي الجهة الرئيسية وفقا للقانون بإعلان بدء التحضير للانتخابات، إذن فإن هذا البند لم يجر أيضا البدء بتنفيذه.

    الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، والذي كان حاضرا في بكين، وشارك في صياغة نص الاتفاق، أوضح أنه فور العودة من بكين كان من المفترض أن يتم تطبيق 3 نقاط في الاتفاق، وهي كالتالي:

    • أولا أن يبدأ الرئيس المشاورات لتشكيل حكومة وفاق وطني، وأن يمهد لإجراء انتخابات عامة.
    • ثانيا: أن يدعو لاجتماع الإطار القيادي المؤقت الموحد حسب اتفاق القاهرة عام 2011 .
    • ثالثا: دعوة اجتماع الأمناء العامين لمناقشة تفاصيل تطبيق الاتفاق.

    ولكن لم يتم تطبيق أياً من ذلك حتى اليوم.

    الادعاء الرابع: اتفاق بكين كان مختلفا عما سبقه وكان هناك إرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف لإنهاء الانقسام.

    على الرغم من توقيع جميع الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت في بكين على إعلان الاتفاق، إلا أن الرئاسة الفلسطينية، لم تصدر أي بيان يوضح موقفها من اتفاق بكين، الذي جاء بمبادرة دولة عظمى وهي الصين. 

    وفي الوقت ذاته، فإن بيانا صدر عن الرئاسة الفلسطينية بعد يوم واحد من إعلان توقيع الاتفاق، رحبت خلاله الرئاسة بالتصريحات الصادرة عن جمهورية الصين على لسان وزير خارجيتها، “على هامش توقيع الاتفاق”، حول ضرورة وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الانسانية، والتي قالت إنها تنسجم تماماً مع موقف الرئاسة ورغبتها.

    فيما لم تتطرق الرئاسة في هذا البيان أو غيره إلى موقفها من إعلان بكين، كما لم تعلق بالمطلق على مبادرة الصين في عقد اتفاق المصالحة الوطنية، ولم تتحدث عن أي نية أو وعد للالتزام بهذا الاتفاق.

    في الوقت ذاته فإن مرور 8 أشهر على اتفاق بكين، دون اتخاذ أي خطوة نحو البدء بتنفيذ الاتفاق، يؤكد أن الإدعاء بأن اتفاق بكين كان مختلفا عما سبقه، هو ادعاء مضلل.

    مقترح لجنة الإسناد هل كان بديلا لاتفاق بكين؟

    بعد اتفاق بكين بأسابيع، اجتمعت حركتي فتح وحماس في مصر واتفقتا بشكل مبدئي على المقترح المصري بتشكيل “لجنة إسناد مجتمعي” تقوم بإدارة شؤون غزة في اليوم التالي للحرب. 

    وقالت رتيبة النتشة عضو المكتب السياسي لحزب “فدا إن  العديد من الفصائل الفلسطينية عارضت لجنة الإسناد التي اتفقت عليها فتح وحماس بشكل مبدئي في ذلك الوقت، في مصر، واعتبرتها تجاوزا لاتفاق بكين، لأن مجرد تشكيل هذه اللجان يكشف أنه لا يوجد نية من الطرفين “فتح وحماس” من أجل تنفيذ الاتفاق.

    خلفية تاريخية

    عُقد أول اجتماع للمصالحة بين حركتي فتح وحماس عام 2005 في القاهرة، أي حتى قبل إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أوصلت حركة حماس إلى الحكم. ومن ثم جاء اتفاق مكة في السعودية بعد الاشتباكات المسلحة التي دارت بين الحركتين آنذاك. 

    اتفاق القاهرة ومكة وما تلاها من اجتماعات متعاقبة في سبيل تحقيق المصالحة على مر السنوات الماضية، عادة ما تضمنت عدة بنود أساسية تبدأ من التشديد على حرمة الدم الفلسطيني، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، والمضي قدمًا في إجراءات إصلاح وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء انتخابات دورية، وصولا إلى توحيد وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.

    البنود ذاتها تم التوافق عليها لاحقا في اتفاق صنعاء عام 2008، وفي نفس العام في  مصر برعاية الرئيس المصري الراحل حسني مبارك بعد انتهاء عدوان الاحتلال على غزة ثم مرة أخرى في مصر عام 2011 أيضا.

     ثم في الدوحة عام 2012 برعاية أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وفي بيت الشهيد اسماعيل هنية في غزة عام 2014، فيما يعرف باتفاق الشاطئ.

     وبعد غياب 5 سنوات من اجتماعات المصالحة عقد اتفاقا آخرا في القاهرة عام 2017، وأعيد التأكيد فيه على ما جاءت به الاجتماعات السابقة، كما عادت الفصائل عام 2019 للاجتماع في موسكو، وأصدرت بيانا مشتركا يؤكد على وحدة الشعب الفلسطيني إزاء القضايا الجوهرية، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والإصرار على إنهاء الانقسام، والتمسك بتنفيذ الاتفاقات والتفاهمات الموقعة، وأمضت على البيان الختامي آنذاك حركتا فتح وحماس والجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وجميع الفصائل التي حضرت الاجتماع.

    ثم عام 2020 عقدت حركتا فتح وحماس اجتماعًا ثنائيًا في اسطنبول – تركيا، كانت أهم مخرجاته أن يتم الإعلان الرسمي عن التوافق الوطني في لقاء للأمناء العامين.

    بعد عامين وقعت الفصائل الفلسطينية في الجزائر ورقة مصالحة فلسطينية، برعاية الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وتضمنت الورقة عدة بنود كان أهمها: اتخاذ الخطوات العملية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، وأن يتم انتخاب المجلس الوطني وفق الصيغة المتفق عليها والقوانين المعتمدة بمشاركة جميع القوى الفلسطينية والإسراع في إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في جميع المناطق الفلسطينية.

    ورغم فشل كل الاجتماعات السابقة وعدم تحقيق أي من البنود التي تم الاتفاق عليها، إلا أن الإعلان عن اجتماع في بكين بعد  شهور من اندلاع الحرب على غزة، بعث الأمل في نفوس الفلسطينيين، وخاصة أبناء غزة، الذين عقد الاجتماع وهم تحت النار، فكان بمثابة بصيص أمل بالنسبة لهم للمضي قدما من أجل إنهاء الحرب ووقف معاناتهم. 

    تصنيف التصريح

    يمكن تصنيف اتفاق بكين برمته على أنه إعلانا “مضللا”.
    كان هناك إرادة سياسية حقيقية لإنهاء الإنقسام، لدى فتح وحماس عندما وقعتا اتفاق بكين.مضلل
    اتفقت الفصائل على دعوة الإطار القيادي الموحد المؤقت بعد العودة من بكين، وعلى التمهيد لإجراء انتخابات وطنية، وعلى تشكيل حكومة وفاق وطني.مضلل “لم يتم الالتزام به”

    نتيجة التحقق

    • رغم مرور 8 شهور على توقيع اتفاق بكين، إلا أنه حتى اليوم لم يتم البدء بتطبيق أي من بنوده.
    • لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية لإنهاء الانقسام لدى فتح وحماس عندما وقعت الفصائل على اتفاق بكين.
    • اتفقت الفصائل بالفعل على دعوة الإطار القيادي الموحد المؤقت بعد العودة من بكين، وعلى التمهيد لإجراء انتخابات وطنية، وعلى تشكيل حكومة وفاق وطني، ولكن لم يتم تطبيق أي شيء من ذلك حتى لحظة كتابة هذا التقرير.

    رابط المقالة المختصر: https://kashif.ps/gty9
    شاركها.
    Chat Icon