تقرير: باسل محمد السقا
بات شح الحطب وغلاؤه كابوسا متعبا يُهدد حياة النازحين في قطاع غزة، خلال حرب الإبادة التي يشنها منذ قرابة العامين.
حيثُ أصبح توفير الحطب تحديًا كبيرًا ومكلفًا في غزة، في ظل المجاعة التي تضرب قطاع غزة المُحاصر براً وبحراً وجواً.
سعر خيالي للحطب
تقول النازحة في مواصي خانيونس هنية “أم شادي”، أن الحطب أصبح سعره مرتفعا جدا، ولا أستطيع شراءه بهكذا سعر بسبب ضنك الحياة وعدم توفر السيولة الكافية.
وتابعت “أم شادي”، قولها، بأن تحضير الطعام يعتبر مهمة صعبة، حيث يحتاج إلى الكثير من الجهد خصوصا مع عدم وجود غاز للطهي، كما أنه ينطوي على مخاطر صحية تؤثر على الجهاز التنفسي وتضر بنا.
وأوضحت هنية، “أجمع بصعوبة شديدة الأوراق والحطب والكرتون لإشعال النار من أجل طهي الطعام لعائلتي، التي تتكون من أطفالي وزوجي”.
ظروف قاسية ومأساوية
أما النازح سفيان “أبو صبحي”، يعيش هو وأسرته السبعة، على أكل ضلوع الصبر بسبب المجاعة وعدم توفر مصدر دخل له.
ولفت “أبو صبحي” إلى أن الاحتلال، دمر منزلهم في بلدة القرارة وجرف أرضهم التي كانوا يعيشون منها ويؤمنون قوت يومهم منها.
وأضاف سفيان: بأنه لا يستطيع توفير ثمن الحطب والطحين لأسرته بسبب الغلاء الكبير لسعرهما في ظل عدم توفر مصدر دخل له، مُشيراً بأنه كان يعيش على شيكات الشؤون الاجتماعية.
ويتساءل أبو صبحي متى ستنفرج هذه الأزمة؟ وهو ينظر نحو ابنه الصغير أحمد الذي يبرز على ملامح وجهه الجوع الشديد، وهو يبكي ويقول: بابا جعان.. متى بدك تجيبلنا خبز؟!
مخاطر صحية
بدوره، أكد استشاري الأمراض الصدرية الدكتور عمرو الأسطل أن هناك أعداد كبيرة من النازحين في منطقة المواصي قد أصيبوا بأمراض تنفسية، مشيراً إلى أن الأسباب الرئيسية لذلك هي إشعال النيران بدلا من غاز الطهي.
كما وحذر د. الأسطل المواطنين بعدم وضع مواد أخرى قابلة للاشتعال كالبلاستيك، نظراً لخطورتها الكبيرة على الجهاز التنفسي والرئتين.
وتابع د. الأسطل قوله، بأن هناك المئات من الحالات قد وصلت إلى المستشفيات، بفعل استخدام المواد الأخرى لطهي وإعداد الطعام في مواصي مدينة خانيونس.
ولا تقتصر الأضرار الصحية الناجمة عن استخدام الحطب كبديل عن غاز الطهي على الأعراض التنفسية فحسب، بل تتعداها لتشمل آثارًا جلدية واضحة تظهر على كثير من السكان، لا سيما النساء والأطفال.
فمع غياب أدوات الوقاية، والتعرض اليومي للدخان الكثيف والحرارة المرتفعة، باتت مشاكل مثل التهيج الجلدي، والحكة، وجفاف الجلد، والحروق الخفيفة والمتوسطة من الظواهر الشائعة داخل المنازل.
وتزداد هذه الأعراض تفاقمًا في ظل ضعف الوصول إلى المياه ومواد التنظيف، ما يعرض الجلد للالتهابات والتشقق، ويزيد من معاناة العائلات التي تحاول التأقلم مع ظروف الحصار والانقطاع المستمر للطاقة.
وبالرغم من التحذيرات الصحية المتكررة، ما زال النازحين يعتمدون على هذه المواد لعدم وجود خيارات أخرى، مما يؤدي إلى زيادة معاناتهم اليومية.
وفي نفس الوقت، تشير التقارير التابعة للأمم المتحدة إلى أن غزة أصبحت في حالة “المجاعة الكاملة”، حيث يعاني أكثر من مليوني شخص من نقص الغذاء، وذلك في ظل انهيار تام، ووقف تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.
وفي ظل هذه الأزمة الإنسانية والصحية المتزايدة، يستمر الاحتلال في هجومه على قطاع غزة بالرغم من قرار مجلس الأمن الذي يطلب إنهاء القتال على الفور بسبب المجاعة المنتشرة في عموم أرجاء القطاع.