كاشف
    المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية – كاشف، منصة مستقلة تهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة وتعزيز مبادئ أخلاقيات النشر.
    تواصل معنا
    واتسب: 00970566448448
    ايميل: info@kashif.ps
    عناويننا
    المكتب الرئيسي: فلسطين - نابلس - رفيديا - عمارة جودة - ط1.
    المكتب الفرعي: رام الله - المصيون - عمارة الطيراوي-ط1.

    سميرة أحمد وافي

    داخل خيمة قرب أحد مراكز الإيواء جنوب قطاع غزة وتحديدا عند مفترق أصداء، تجلس الطالبة ملك رشوان تراجع دروسها من دفتر قديم، تحاول التركيز وسط أصوات القصف والخوف من حولها. 

    رشوان النازحة من منطقة المحطة بمدينة خانيونس، من المفترض أن تكون بين طلبة الثانوية العامة لهذا العام، لكن الغموض ما زال قائما حول موعد انعقاد الامتحانات، خصوصا في ظل  العدوان المستمر على قطاع غزة منذ نحو عامين.

    تقول رشوان: “لا نعلم متى سنتقدم للاختبارات، وحتى أننا لا نستطيع الدراسة جيدا؛ فكل يوم نستمع لأقاويل حول تأجيل أو إلغاء لها، لكن لا يوجد بيان رسمي حول ذلك”. 

    بين الخوف والانتظار: “الكتاب بإيدي، بس عقلي مش معي” 

    تحلم رشوان أن تنتهي من الثانوية العامة وتلتحق بالجامعة، حيث تشعر أن الضغط النفسي أصبح أكبر من قدرة أي طالب/ة على التحمل. 

    وتضيف: “أرى أمي مشغولة كل يوم بالطبخ والبحث عن طحين وتحاول شراء بعض الخضراوات، وأحاول الدراسة على ضوء الهاتف، من الصعب جدا أن نكون مستعدين للامتحانات في مثل هذه الظروف، حتى لو حاولت التركيز، الظروف من حولنا ليست طبيعية، الخوف لا يفارقنا، وأنا كل دقيقة أسأل نفسي هل فعلاً سنقدم هذه الامتحانات؟ وهل سيأتي يوم نفرح فيه بنجاحنا؟

    قلق عميق ومستقبل مجهول 

    وتعبر والدة رشوان عن قلقها العميق تجاه مستقبل بنتها، قائلة: “مشكلتنا مش بس في المنهج، مشكلتنا في الجو، كيف بدها بنتي تدرس وهي نازحة، والمخيم مش آمن؟”. 

    وتتابع الوالدة: “بدنا وزارة التعليم تراعي هالجيل، مش تحط جدول بدون ما تكون الظروف جاهزة، مش ضد الامتحانات”. 

    وتؤكد:” تحاول ابنتي أن تظهر بأنها قوية، لكنني أعرفها جيدًا، فهي مكسورة من الداخل، أريد رؤيتها داخل القاعة تجتاز الاختبارات مرفوعة الراس، وليست خائفة أو جائعة وحتى مهمومة، أن تشعر بالأمان”. 

    بدائل رقمية وخيم تعليمية 

    من جانبه، يرى الناشط الإعلامي والخبير التربوي محمد سمير البحيري أن تأجيل الامتحانات كان ضرورة تفرضها الوقائع على الأرض، في ظل النزوح المتكرر، وتحول مناطق واسعة إلى مناطق حمراء بفعل القصف، إضافة إلى تضرر شبكة الإنترنت بشكل متواصل، مما يجعل أي خطة تعليمية ثابتة أمرا بالغ الصعوبة. 

    ويوضح البحيري، أن وزارة التربية والتعليم تتجه لتفعيل نموذج الامتحان المنزلي عبر تطبيق Tawjihi Exam، والذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والمراقبة الذاتية بالصوت والصورة، وذلك بدعم فني من دولة قطر، لضمان أن لا يحرم طلبة 2006/2007 من فرصة التقدم للامتحانات. 

    ويشير إلى أن الوزارة، رغم الظروف القاسية، تبذل جهودا متواصلة لإنجاح التجربة، خصوصا في حال حدوث هدنة، حيث يتوقع إقامة نقاط تعليمية في خيم مجهزة بإنترنت، بدعم من المؤسسات الشريكة، أبرزها اليونيسف، بما يسمح بتنظيم الامتحانات في أماكن مؤقتة بعد تدمير 80–90% من المدارس. 

    ويشدد البحيري على أن مجرد شعور الطالب بأنه سيجتاز الامتحان يمثل بارقة أمل، قائلا “شهادة الثانوية العامة لم تعد فقط بوابة للجامعة، بل جواز عبور نفسي من هذه الكارثة نحو الحياة، بعض الطلبة تجاوزوا 19 و20 عاما، وما زالوا ينتظرون هذه الفرصة”.

    وكانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت مؤخرًا أن موعد امتحانات التوجيهي مرتبط بالحالة الميدانية والإنسانية، وبشكل خاص ما يخص أزمة المجاعة.  

    وأشارت إلى أن أي خطوة عملية لن تتخذ ما لم تحدث “انفراجة حقيقية” في الوضع العام. 

    لا إعلان حتى تهدأ الأزمة 

    ورغم أن وزارة التربية والتعليم أعلنت منذ بداية العام الدراسي “2024- 2025” أن موعد انعقاد امتحانات الثانوية العامة لطلبة غزة، سيكون في يناير من العام 2025، “كان من المفترض أن تكون قدمت منذ 8 شهور”، إلا أن الوزارة في البيان الأخير للجنة العليا لامتحانات الثانوية العامة قالت إن قرارها بعدم تحديد موعد الامتحانات حاليًا جاء “لأن الطلاب في غزة لا يعيشون ظروفًا طبيعية، بل أزمة حادة تمس كل أسرة وخيمة”. 

    وأوضحت أن انعقاد امتحانات طلبة مواليد 2006 سيجري فقط بعد انتهاء امتحانات الدورة الثالثة لطلبة 2005، بينما طلبة 2007 سيكون امتحانهم بعد شهر على الأقل من انتهاء المرحلة الثانية، لكن هذا الترتيب يبقى معلقا حتى تتحقق ظروف إنسانية أفضل.

    رغم محاولات الوزارة إيجاد صيغة منظمة لتقسيم الامتحانات، إلا أن الواقع على الأرض من دمار، ونزوح، ومجاعة يجعل كل طالب يحلم بأبسط حق، أن يعرف متى وكيف سيقدم امتحانه؟ وهل حقا سيتحقق هذا الحلم المؤجل؟

    يشار إلى أن هناك استهدافا غير مسبوق للمنظومة التعليمية في قطاع غزة، حيث هدمت 27 مدرسة بشكل كامل، واستشهد أكثر من 16 ألف طالب ونحو 750 معلما حتى اليوم حسب البيانات الرسمية.

    رابط المقالة المختصر: https://kashif.ps/esop
    شاركها.
    Chat Icon