فاز الفيلم الفلسطيني “لا أرض أخرى No Other Land” بجائزة الأوسكار في دورتها الـ97 عن أفضل فيلم وثائقي طويل. ويوثق الفيلم معاناة الفلسطينيين في مسافر يطا جنوب الخليل. وتعرض بعد ذلك مخرجي الفيلم وهما الناشط الفلسطيني باسل عدرا والصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام لادعادات مضللة من قبل صفحة Gazawood يوضح مرصد كاشف أبرزها:
أولاً: نشرت صفحة gazawood مقطع فيديو ومن بعدها حسابات اسرائيلية فيديو يظهر فيه الصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام وهو أحد مخرجين الفيلم “لا أرض أخرى” وهو يصرخ على مستوطن اسرائيلي يعتدي عليهم برفقة جنود من جيش الاحتلال، كما ويظهر الناشط الفلسطيني ومخرج الفيلم باسل عدرا وهو يوثق الاعتداء بكاميرا هاتفه، مع الإدعاء أن مقطع الفيديو يوثق اعتداءات واشتباكات مفتعلة من مخرجين الفلم ضد الجنود، وبأن هذه المشاهد محذوفة من الفيلم، حيث أرفق الفيديو بالنص التالي: “حصريًا – الجزء الذي حذفوه من الفيلم الإسرائيلي الحائز على جائزة الأوسكار. يوصف الفيلم هذا المشهد بأنه “هجمات وتهديدات على القرى”، ولكنه في الواقع اشتباكات مفتعلة ومضايقات ضد الجنود. لقد أغفل صناع فيلم “لا أرض أخرى” لقطات مجلس الخليل هذه – لكنها تحكي كل شيء”.
تحقق مرصد كاشف من صحة الادعاء ووجد أنه مضلل، حيث تواصل المرصد مع المخرج والناشط الفلسطيني باسل عدرا والذي أوضح أن الادعاء مضلل، حيث زود المرصد بفيديو من زواية أخرى يوثق اعتداءات المستوطنين برفقة جنود الاحتلال على النشطاء والأهالي في خربة طوبا مسافر يطا عام 2023، ويظهر في الفيديو اعتداء جنود الاحتلال على ناشطة أجنبية ومصادرة كاميرتها، ومشادة كلامية بين المستوطن الذي يلتقط الفيديو والصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام.
وهذا ما أكده الناشط سامي هريني من مسافر يطا والذي كان متواجداً في الحادثة. والفيديو التقطه مستوطن يدعى تومر وهو يوثق هجوم للمستوطنين بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي على خربة طوبا مسافر يطا عام 2023.
ثانياً: نشر حساب Gazawood مقطع فيديو نشرته قناة 12 العبرية يظهر فيه المخرج والناشط الفلسطيني باسل عدرا مع الإدعاء أنه أشعل النار في منازل الفلسطينيين ويتهم جنود الاحتلال في ذلك، حيث أرفق الفيديو بالنص التالي: “حصرياً: اتهم باسل عدرا، نجم فيلم “لا أرض أخرى” الحائز على جائزة الأوسكار، في مقال نُشر عام 2021، بأنه من بين فلسطينيين يحاولون إشعال النار في منازل فلسطينية لالقاء اللوم على اليهود. ولكن الجنود قاموا برؤيتهم وأكد المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي ذلك لاحقًا”.
تواصل المرصد مع المخرج والناشط الفلسطيني باسل عدرا والذي أوضح أن الادعاء مضلل، فالفيديو يوثق هجوم وتكسير المستوطنين لمنازل الفلسطينيين في قرية المفقرة عام 2021، وأضاف أن جيش الاحتلال ألقى قنبلة غاز مسيل للدموع في كومة حطب مما أدى لاشتعالها.
كما ونشرت صحيفة +972 Magazine على منصة اليوتيوب مقطع فيديو بتاريخ 6\10\2021 أوضح العدرا فيه تفاصيل الحدث قائلاً: “رأيت النيران تشتعل في الأشجار، والسبب أن الجنود أطلقوا الغاز المسيل للدموع ووقعت على الأشجار. مر جنديان، فقلت لهما أن يطفئا النار، لأنها بدأت بسببهما. لكنهما تجاهلان ذلك”، وأضاف: “بدأت أصرخ على الناس لإحضار الماء لإطفاء الحريق، وعندما رأى الجنود الناس يركضون نحو النار، جاء اثنان منهم وبدأوا في إطفاء الحريق بأحذيتهم، بينما سكب الفلسطينيون الماء. وبعد ذلك، جاء ثلاثة أو أربعة جنود وبدأوا يتحدثون معي باللغة العبرية. أدركت أنهم يتهمونني بفعل ذلك. وقلت لهم: لا، هناك قنبلة غاز مسيل للدموع هنا، إنها بسبب الجنود. استمروا في التحدث باللغة العبرية، على الرغم من أنني لا أفهم منها سوى بضع كلمات، وحدث كل ذلك أثناء استخدام كاميرا GoPro”.
كما ونشر العدرا مقطع فيديو على حسابه منصة X بتاريخ 6\10\2021 ينفي مزاعم الإعلام الإسرائيلي حول اشعاله النار في منزل فلسطيني أثناء هجوم المستوطنين على قرية المفقرة عام 2021، حيث أرفق الفيديو بالوصف التالي: “أنا هدف لحملة إعلامية واسعة النطاق من قبل المستوطنين والجنود – بناءً على أخبار كاذبة وأكاذيب. يزعمون أنني “أشعلت النار في منزل فلسطيني”، لتهويل هجوم المستوطنين الوحشي الذي الحدث بالفعل بالقرب من منزلي الأسبوع الماضي”.
يجدر بالذكر أنه بتاريخ 28\9\2021 اعتدت مجموعة من المستوطنين على قرية المفقرة في مسافر يطا جنوب الخليل، مستخدمين أدوات حادة وقاموا بتحطيم مركبات للمواطنين وقتلوا 4 أغنام، وأصيب 9 مواطنين آخرين بجراح ورضوض وكدمات، بالإضافة لإصابة عدد كبير من سكان القرية بحالات اختناق جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع.
ثالثاً: شكك حساب gazawood في منشور آخر على أن الصورة التي يظهر فيها “شاب يلقي الحجارة” تعود للناشط والمخرج الفلسطيني باسل عدرا، حيث أرفقت الصورة بالنص التالي: “يجب أن أشير إلى أنني لست متأكدًا من ذلك، لكن الشخص الموجود في الصورة وهو يرمي الحجارة يبدو لي أنه باسل”.
تواصل المرصد مع الناشط والمخرج الفلسطيني باسل عدرا والذي نفى أن الصورة التي أشار لها حساب gazawood تعود له.
فلم “لا أرض أخرى No Other Land”
هو فيلم وثائقي أُنتج بتعاون فلسطيني-نرويجي، أخرجه باسل عدرا وحمدان بلال ويوفال أبراهام وراحيل تسور. ويُسلّط الفيلم الضوء على معاناة الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا بالضفة الغربية، حيث يوثّق ممارسات الهدم والتهجير التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي بين عامي 2019 و2023. وعُرض الفيلم لأول مرة في قسم البانوراما خلال الدورة الـ74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي في شهر شباط 2024، وحاز على جائزتين. وفي آذار 2025، فاز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل.
وانتقد وزير الثقافة في حكومة الاحتلال الإسرائيلي ميكي زوهار الفيلم وأصدر قرارًا يدعو فيه المؤسسات الثقافية الإسرائيلية إلى الامتناع عن عرضه محليًا، معتبرًا أنه يشوه صورة إسرائيل على الساحة الدولية. وأشار زوهار إلى أن منح الفيلم هذه الجائزة يُعد “لحظة حزينة لعالم السينما”. وقال فى تغريدة على منصة إكس بعد الإعلان عن فوز الفيلم بالجائزة “إن فوز فيلم لا أرض أخرى بجائزة أوسكار يعد لحظة حزينة لعالم السينما- بدلا من عرض التعقيد في واقعنا، اختار مخرجو الأفلام ترديد الروايات التي تشوه صورة إسرائيل في العالم”.
فيما أثار الفيلم ردود فعل فلسطينية متباينة. فمن جهة، اعتبره فلسطينيون شهادة قوية على جرائم الاحتلال الاسرائيلي، خاصة في الضفة الغربية، إذ يوثق الانتهاكات بحق سكان مسافر يطا، ونجح في لفت أنظار العالم إلى قضية التهجير القسري والاستيطان. وانتقده قسم اخر كونه نشاطاً تطبيعاً يشوه الرواية الفلسطينية ويجمل صورة الاحتلال.
في المقابل، أصدرت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات (BDS) بيانًا انتقدت فيه الفيلم بسبب مشاركة أحد مخرجيه الإسرائيليين، واعتبرته مثالًا على التطبيع الفني الذي يساهم في تلميع صورة إسرائيل على الساحة الدولية. وأكدت الحركة أن الرواية الفلسطينية يجب أن تبقى مستقلة دون الحاجة إلى شراكات إسرائيلية، مشددة على أن الاحتلال لا يمكن أن يكون طرفًا في توثيق الجرائم التي يرتكبها.