نشر حساب Gazawood على منصة X وحسابات أخرى مقطع فيديو يطلق فيه جيش الاحتلال النار على الشابين يوسف عصاعصة والمنتصر بالله عبد الله في جنين بتاريخ 27/11/2025، مع الادعاء بأن أحدهما مدّ يده إلى حزامه وشكّل تهديدًا ما دفع الجنود لإطلاق النار عليهما. حيث جاء في الادعاء: “وفي النسخة الموسعة عالية الجودة، والتي لم تخضع لتحرير كبير، يمكنك أن ترى بوضوح الإرهابي وهو يمد يده إلى حزامه قبل لحظات من قيام الجنود – الذين شعروا بوجود تهديد وشيك – بفتح النار عليه وتحييده”.
تحقّق مرصد كاشف من الادعاء، وبعد مراجعة مقاطع الفيديو والصور والشهادات الحيّة، تبيّن أن الشابين كانا أعزلين ولم يشكّلا أي خطر، وأنهما خرجا من المخزن امتثالًا لأوامر الجنود، كاشفين عن بطنيهما بعد تعرّضهما للضرب، وهو ما يفسّر وضع يد يوسف على بطنه عند خروجه.
أولًا: تواصل المرصد مع أحمد نزال مراسل تلفزيون فلسطين، الذي أوضح أنّه وصل إلى الموقع في حي جبل أبو ظهير قرابة الثانية ظهرًا، وتمركز في منطقة مطلّة وبدأ التصوير. وأشار إلى أن قوة الاحتلال حاصرت المخزن لنحو ساعة، ثم قامت جرافة عسكرية بهدم الباب الرئيسي وفتح فتحة صغيرة خرج منها الشابان منحنيين، رافعين أيديهم وكاشفين عن أجسادهما امتثالًا للأوامر. وأضاف أن الجنود اعتدوا عليهما بالضرب على بطنيهما، ثم أمروهما بالزحف إلى داخل المخزن، وما أن وصلا إلى الباب حتى أطلقوا النار عليهما من مسافة صفر.
ثانيًا: غطّت الحدثَ عدة وسائل إعلام دولية ومحلية، من بينها رويترز والوكالة الفرنسية AFP وتلفزيون فلسطين وقناة الغد، ونشرت خلال تغطيتها مقاطع مصوّرة من عدة زوايا تُظهر لحظة خروج الشابين من المخزن أعزلين وكشفهما عن بطنيهما، ثم الاعتداء عليهما وإجبارهما على العودة إلى الداخل قبل أن يُعدمَا برصاص جنود الاحتلال من مسافة صفر.
كما نشرت رويترز صورًا متتالية تُظهر مراحل الحادثة بوضوح دون أي دلالة على حمل الشابين للسلاح أو تشكيلهما تهديدًا.




ثالثًا: أصدر جيش الاحتلال بيانًا قال فيه إنه يحقق في “حادثة غير مألوفة” خلال عملية لاعتقال مطلوبين متهمين بإلقاء متفجرات وإطلاق نار، مدعيًا أن المطلوبين خرجا بعد استخدام “أداة هندسية” على المبنى، ثم أطلق النار عليهما. ولم يذكر البيان أن معلومات حول وجود سلاح تحت حزام الشاب أو أي نوع من الأسلحة في ملابسه.
ولاحقًا، أعلن وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير دعمه الكامل للقوة المنفّذة قائلاً إن “الإرهابيين يجب أن يموتوا”.
وأفادت وسائل إعلام عبرية أن ثلاثة من عناصر حرس الحدود خضعوا للتحقيق في قسم مباحث الشرطة (PID) بشبهة إطلاق النار بشكل غير قانوني. وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الجنود الثلاثة أنهوا إفاداتهم وادّعوا شعورهم بخطر حقيقي داخل المخزن، مشيرين إلى وجود أسلحة ومتفجرات في المكان. وبعد التحقيق، أفرجت الشرطة عنهم بشروط تقييدية، منها منعهم من التواصل مع بقية الجنود، فيما لا يزال التحقيق مستمرًا بعد نشر التوثيق الفلسطيني.
الجدير بالذكر أن إعدام جيش الاحتلال للشابين المنتصر بالله عبد الله ويوسف عصاعصة رغم استسلامهما في جنين، أثار موجة واسعة من الإدانات الفلسطينية والدولية، إذ وصفتها جهات حقوقية ورسمية بأنها قتل متعمّد خارج إطار القانون.
انتقدت بلجيكا الحادثة بشدة، وقال وزير خارجيتها ماكسيم بريفو إن المشاهد “صادمة” وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهدد الجهود السياسية. واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية الجريمة امتدادًا لسياسة إسرائيلية ممنهجة تقوم على الإعدامات الميدانية، مطالبةً بملاحقة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما دعت منظمة التحرير إلى تحقيق دولي عاجل، فيما أكد رئيس المجلس الوطني روحي فتوح أن ما جرى جزء من نهج ثابت يقوم على القتل المباشر دون رادع. وفي السياق نفسه، قالت حركة حماس إن الجريمة تكشف “العقلية الإجرامية” للاحتلال وتشكل حلقة جديدة في مسار التصفيات الممنهجة، بينما رأى نادي الأسير أن استمرار الإعدامات وتأييد الوزير بن غفير للجريمة دليل على تورط أعلى المستويات السياسية في التحريض واعتماد سياسة رسمية قائمة على التطهير العرقي.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إعدام الشابين من مسافة صفر بعد إجبارهما على العودة إلى المبنى يشكّل حلقة جديدة في نمط متصاعد من القتل خارج القانون، مؤكدًا أن الحادثة ترقى إلى جريمة حرب وانتهاك جسيم للقانون الدولي. وأضاف أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفّذت خلال العامين الأخيرين عشرات عمليات الإعدام بعد السيطرة على الضحايا، وأن نحو 9% من ضحايا العدوان على غزة قُتلوا بالطريقة نفسها. وذكر المرصد أن الضحيتين هما:المنتصر بالله محمود قاسم عبد الله (26 عامًا) ويوسف علي يوسف عصاعصة (37 عامًا).

