تقارير وإحصائيات

خان يونس- لميس الأسطل في زاوية خيمتها المتواضعة في مواصي محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، تجلس المسنة فاطمة خلف الله كشجرة زيتون عتيقة تتغلغل جذورها داخل تراب وطنها فلسطين، حيث ولدت قبل أن تنشأ دولة الاحتلال نفسها، تنظر بعينيها الغائرتين داخل وجهها المجعد الذي يعكس عمرها الذي يزيد عن مائة عام، فقد كانتا ولا زالتا شاهدتين حيتين على تاريخ عتيق لفلسطين، فتحكي خلالهما ذكريات حنين واشتياق لأرض سلبها الاحتلال عنوةً دون رحمة وشفقة. تقول خلف الله بصوتها المرتعش الدافئ: “عائلتي تمتلك أراضٍ كثيرة في مدينة بئر السبع جنوبي فلسطين، مُوثَّقةً ب”قواشين” أي أوراق “طابو” تثبت ملكيتها لنا، فقد كنا نزرع ترابها بالقمح والشعير والذرة، ونحصدها بعد فترة زمنية، ونطحن الحصاد بطاحونة يدوية، ونربي الأغنام والأبقار والإبل وغيرها من مواشٍ إلى جوار ذلك، ونسكن عليها داخل بيوت “شعر” نصنعها من صوف أغنامنا بعد صبغه ونسجه، مثبتًا بقرناف “أغصان” أشجار النخيل، وإلى جوارنا يقطن أقرباؤنا من العائلة، ونزور بعضنا باستمرار دائم، لتسود أجواء الحب والدفء والسعادة والبساطة في ذلك الوقت”. وتضيف: “كل شخص متعلم من العائلة يدرس الأطفال الذكور في حلقات تعليمية، بحبر وريشة على الورق القديم، لكن الفتيات كنَّ يقمن بأعمال المنزل من إعداد الخبز واللبن والسمنة البلدية والكشك والطبخ على النار، إضافةً إلى أعمال الزراعة وتربية المواشي، جنبًا إلى جنب مع الفتيان”. وتستكمل خلف الله: “تزوجت ابن عمي وأنا في الرابعة عشرة من عمري، وارتديت الثوب الفلسطيني المطرز بالخيوط الملونة الجميلة الساحرة، جالسةً إلى جواره والكحل يزين عينيَّ والحنة منقوشة على يديَّ، وكنَّ النسوة ينشدن الأناشيد التراثية ويطلقن زغاريد الفرح والسعادة، ويقدم المعازيم شاة كهدية للزوجين، فيقوم أهل البيت بذبحها وإعداد الخبز والمرق واللحم كطعام غداء للجميع، ومن عاداتنا ترك العروسين لوحدهما على مدار ثلاثة أيام بعد الزواج، ومن ثم تزور العروس بيت أهلها”، مؤكدةً تقديمها ثوب زواجها إلى ابنتها؛ تخليدًا للهوية الفلسطينية وإنعاشًا لذاكرة الأجيال القادمة. وتتابع:…