كاشف
    المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية – كاشف، منصة مستقلة تهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة وتعزيز مبادئ أخلاقيات النشر.
    تواصل معنا
    واتسب: 00970566448448
    ايميل: info@kashif.ps
    عناويننا
    المكتب الرئيسي: فلسطين - نابلس - رفيديا - عمارة جودة - ط1.
    المكتب الفرعي: رام الله - المصيون - عمارة الطيراوي-ط1.

    غزة- لميس الأسطل

    تحت سقف سماء غزة المُثقلة برائحة البارود والصواريخ والذخائر، المحمَّلة برائحة القتل والتشريد والتجويع والمعاناة؛ يتجذَّر الصحفي الفلسطيني أمام كاميرته بثبات؛ لينقل حقيقة ما يجري إلى العالم، ليتحول من شاهد على الجريمة بحق أبناء شعبه إلى شهيد مُغيَّب بالصمت الدولي، بعد استهداف الاحتلال الإسرائيلي له بصورة مباشرة، ناشرًا فوق جثته ادعاءات وأكاذيب واهية؛ لدحض الرواية الفلسطينية وإخمادها وفرض التعتيم والتضليل الإعلامي عليها.

    ليس الأمر بجديد على الإعلام الإسرائيلي؛ ففي الشق الآخر من الوطن فلسطين وفي الحادي عشر من أيار عام 2022، اخترقت رصاصة إسرائيلية غادرة خوذة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها لاقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين؛ فجاءت الرواية الإسرائيلية تتلمص وتكذب وتقلب الحقائق، محاولةً إخفاء الجريمة تحت ركام البيانات والحقائق المشوهة، فزعمت أن مسلحين فلسطينيين هم من أطلقوا النار عليها خلال الاشتباكات ومن المحتمل أن تكون أصيبت بنيرانهم عن طريق الخطأ، ناشرة فيديو كاذب لتبين صحة ذلك، وبعد تحقيقات استقصائية دولية تدحضها؛ بدأت الاحتلال تغيير روايتها تدريجيًا؛ لتصل إلى اعتراف ضمني ترفض فيه تحمل أي مسؤولية قانونية أو جنائية، معارضةً التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، حتى أُخمد الحق الفلسطيني في هذا الصدد.

    لم تكن أبو عاقلة أول من يُستهدف من الصحفيين الفلسطينيين وليست آخرهم، لكنها أصبحت رمزًا لصوت يُراد له أن يصمت، ولرواية يراد لها أن تُنسى، ففي حرب الإبادة الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة، كثرت هذه الرموز، وعلى التوازي شُوِّهت الحقائق وانتشرت بصورة واسعة دون دليل مادي ملموس على صحتها؛ لتبرر الاحتلال قتلها صوت الحقيقة والسلطة الرابعة في القطاع.

    التعتيم الإسرائيلي يبدأ باغتيال الصحفيين وينتهي بتشويه الحقائق

    يقول نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، : “منذ بدء العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة منع الاحتلال الصحافة الأجنبية من الدخول إليه وتغطية الأحداث كطرف مستقل، مُتبعًا ذلك بالاستهداف المباشر للصحفيين الفلسطينيين، والقيام بعمليات التشكيك بالرواية الفلسطينية ومنع وصولها للعالم؛ لفرض التعتيم الإعلامي حول جرائم الحرب المرتكبة بحق المدنيين العزل والمناطق المدنية كالمستشفيات والمدارس وغيرها؛ الأمر الذي أدى إلى الحيلولة دون وصول كافة هذه الأحداث والمعلومات إلى العالم”.

    ويضيف الأسطل: “بات الأمر واضحًا من خلال ما قام به الاحتلال بالتشكيك بالرواية الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ بعدما ظهرت حقائقه للعالم؛ وبدأ يضج بالجرائم التي ارتكبت بحق الأطفال والنساء والمسنين، وتدمير البنية التحتية وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها؛ ما أدى إلى التساؤل عن الصمت والعجز الدولي أمامها، وبالتالي أرادت الاحتلال التشكيك بصانع الرواية؛ فبدأت استهداف الصحفيين وإلقاء التهم إليهم ككونهم جزء من العسكريين ومن الصراع القائم؛ وبالتالي استهدافهم بشكل مباشر تحت هذه الذريعة، مفبركًا كافة الحقائق ومشككًا بمهنيتهم الصحفية”.

    ويبين: “كافة الصحفيين الفلسطينيين المسجلين في نقابة الصحفيين الفلسطينية يعملون وفق أخلاقيات المهنة، وقد شهد لهم العالم أجمع بذلك، بدليل فوزهم بكثير من الجوائز العربية والدولية المرموقة، مطلعةً على موادهم الإعلامية ومدى التزامها بالمعايير الدولية وأهمها الشفافية والحيادية والموضوعية في نقل الأحداث”، مشيرًا إلى أنه يرى أن الصحفي الفلسطيني ينقل جزءًا من الحقيقة نتيجة الظروف التي تعرض لها وليس الحقيقة كاملة؛ بفعل الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحقه.

    مزاعم إسرائيلية كاذبة وتفنيد بالأدلة عليها..

    أحمد اللوح وحسن إصليح يُقتلان كي لا تنطق كاميراتهم

    يزعم الاحتلال الإسرائيلي عبر منشور مضلل نشره المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، ‏تصفية الصحفي أحمد اللوح، معتبرًا إياه “إرهابيًا” في حركة الجهاد الإسلامي ويعمل في مجمع إرهابي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وقد تمت التغطية عليه من خلال عمله في مكاتب الدفاع المدني في المنطقة، مدعيًا استخدام المجمع لتخطيط وتنفيذ مخططات إرهابية ضدهم خلال الفترة الزمنية الفورية.‬‬

    ويرد الأسطل بدوره قائلًا: “اختطف أحمد اللوح واعتقل مرتين في عامي 2019 و2021م من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وهناك شكوى واضحة قدَّمها في نقابة الصحفيين الفلسطينيين التي تدخلت ومارست الضغوطات للإفراج عنه، وبالتالي من غير المنطق اغتياله على غرار اتهامه بأنه أحد عناصر حركة الجهاد”.

    ويستكمل حديثه: “أخطأ بعض الصحفيين الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في السابع من أكتوبر في حالة عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن حماية الجدار، وقاموا بالتغطية من داخله؛ فاستغلت الاحتلال اندفاعهم والمشاهد والصور التي خرج بها بعضهم في روايتها الكاذبة؛ لتضليل العالم بمشاركتهم بالهجوم، لكن حقيقة الأمر أن جميعهم تواجدوا في المكان بعد الساعة الحادية عشرة ظهرًا أي بعد ساعات من الحدث؛ فأرادت معاقبتهم بتصفيتهم وقتلهم، منعًا من أي نقل للأحداث الجارية في خضم الحرب”.

    ويُلفِّق أدرعي عبر منشور نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، “إرهابية” الصحفي حسن إصليح، باعتباره أحد عناصر لواء محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة في حركة حماس، مشيرًا إلى عمله العسكري تحت غطاء صحفي وكونه صاحب شركة إعلامية، مشاركًا في اقتحام الحدود وعمليات السابع من أكتوبر.

    ويلحق أدرعي منشوره بفيديو لإصليح يظهر فيه وهو يقول: “تم خطف جميع من كان داخل هذه الدبابة”، مشيرًا إلى دبابة إسرائيلية تحترق خلفه، إضافة إلى صورة تجمعه برئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.

    لم يأتِ الاحتلال بدليل مادي ملموس على روايته؛ فالصورة المنشورة لا تُعد دليلاً على انتماء إصليح لحركة حماس أو مشاركته أعمالهم، بل تعكس طبيعة العمل الصحفي المهني الذي يفرض على الصحفيين تغطية الأحداث ولقاء مختلف الشخصيات السياسية والعسكرية والتقاط الصور معهم، لا سيما في قطاع غزة حيث حماس تمثل السلطة الحاكمة.

    كذلك لا يوجد أي برهان أو دليل حقيقي يربط حسن إصليح بالمشاركة في عملية السابع من أكتوبر، لا عبر فيديو، ولا تسجيلات، ولا اعترافات، ولا وثائق استخباراتية؛ فكل ما طُرح هو محض ادعاء دعائي بعد استشهاده، يفتقد لأي أساس قانوني أو ميداني، حتى الفيديو الذي نشره أدرعي عبر صفحته، يبين بشكل واضح قيام إصليح بتغطية الأحداث الجارية وهذا العمل الطبيعي المهني لأي صحفي.

    وعرَف إصليح لدى المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية بتغطيته الميدانية في قطاع غزة، وعمله لصالح عدة وكالات، دون أن تُسجل عليه أي سابقة انتماء أو نشاط سياسي أو عسكري، فسيرته المهنية واضحة وموثقة، وكان يعمل في الميدان بشفافية ومهنية عالية، حتى بات قريبًا من قلوب الجميع، معروفًا ب”الصحفي الغلبان”.

    ويفيد الأسطل: “أغلب الصحفيين الذين تم استهدافهم تواجدوا في الميدان أو في منازلهم أو في مواقع عملهم، ولم يأتِ الاحتلال بأي دليل يؤكد روايته؛ فما استند إليه هو بعض الوثائق التي يمكن لأي هاوٍ القيام بدبلجتها وتصميمها وادعائها”.

    الخوف من التضامن 

    هناك حالة انسجام بين الصحفي الفلسطيني والمواطن؛ فالأخير يعرف مقدار ما قدمه الأول من تضحيات  لأبناء شعبه وإظهار الحق الفلسطيني المشروع ودحض الرواية الإسرائيلية، بدليل إصرار الكثير من المواطنين والأطفال التقاط الصور مع الصحفيين بزيهم المهني، ولكن نتيجة الاستهدافات المستمرة والمتتابعة لهم وعائلاتهم وأقاربهم ومصادرهم؛ تولد شعور الخوف الأمني لدى حالات محدودة جدًا من وجودهم في المكان، ما أدى عدم الترحيب بهم والتعاطي معهم والظهور في مقابلات واضحة.

    ويلفت الأسطل إلى أنه رغم محدودية هذه الفئات من المجتمع الفلسطيني إلا أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين اعتبرتها تأثيرًا على العمل الصحفي لا يمكن القبول والتسليم به، مطالبين بضرورة تدخل المجتمع الدولي لحماية الصحفيين ومصادرهم والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف الجرائم المرتكبة بحقهم.

    ويستطرد الأسطل: “رغم ذلك كله ما زال الصحفيون يمارسون عملهم؛ فبالنهاية يجب أن يجدوا البدائل من أجل التوصل إلى المعلومة رغمًا عن كافة الظروف المحيطة بهم؛ لإيصال رسالتهم الإعلامية وخدمة وطنهم”.

    من جهتها، تورد المواطنة سالي يونس، البالغة من العمر 52 عامًا، عدم ثقتها بالادعاءات الإسرائيلية حول الصحفيين الفلسطينيين، مؤكدةً قيامهم بذلك؛ لتبرير استهدافهم وقتلهم، إخمادًا للصوت الفلسطيني ونقل حقيقة مجريات الأمور.

    وتفيد يونس بأنه لا بد من توفير الحصانة والأمان للعاملين في مهنة الصحافة؛ باعتبارها السلطة الرابعة، لافتةً إلى أن اختراق الاحتلال لكافة المعايير والقوانين الدولية بحق الصحفيين الفلسطينيين؛ جعلها تبتعد عن التعامل معهم والتواجد في أماكنهم، مانعةً أولادها الذين تخرَّجوا حديثًا من ذات التخصص من ممارسة العمل الصحفي من منطلق الخوف الأمني عليهم.

    وتوجه يونس رسالتها إلى الصحفيين الفلسطينيين قائلة: “نحن نحترمكم ونقدر جهودكم الجبارة وإخلاصكم في نقل معاناة شعبنا الفلسطيني للعالم أجمع”، مشيرةً إلى ضرورة بحثهم عن كيفية نقل الحدث الملائم الذي يوقع تأثيرًا في نفوس الرأي العام العالمي، مع التركيز على إيصال كافة الأحداث من جميع الزوايا والاتجاهات.

    ويعرب المواطن يحيى أبو عزب، البالغ من العمر 34 عامًا عن رأيه قائلًا: “يسعى الاحتلال إلى خلق صورة مشوهة ومنقوصة غير حقيقية للعالم، مستغلًا ضعف وسائل الإعلام المحلية في التأثير على الرأي العام العالمي”، مؤكدًا ضرورة الاستمرار في كشف الزيف الإسرائيلي الواضح.

    ويردف أبو عزب: “يجب على المواطن الفلسطيني دعم الصحفيين ومشاركة المحتوى الإعلامي الخاص بهم على نطاق واسع؛ ليصل أكبر عدد من الجماهير، لمساعدتهم بنشر الوعي وتوسيع نطاق تغطيتهم ودعم المنصات الإعلامية؛ سندًا للرواية الفلسطينية وضغطًا على الحكومات بتشكيل لجنة حماية لهم ومتابعة أوضاعهم ونقل صوتهم”.

    ويشدد أبو عزب على انتشار الاخبار الإسرائيلية المضللة حول الصحفيين في قطاع غزة بصورة واسعة؛ وبالتالي يجب على المتلقي البحث عن مصادرها والتحقق منها وبيان مدى مصداقية الصور والفيديوهات والبيانات وغيرها وعدم التعاطي مع وسائل الإعلام العبري.

    لم يتبقَّ منهم الكثير..صحفيو غزة بين القتل والتهجير والتجويع

    وفقًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، استشهد حوالي 227 صحفيًا من أصل 1050 في قطاع غزة حتى اللحظة وأصيب العشرات، وكافة الصحفيين تعرضوا للتهجير القسري الداخلي أكثر من مرة، وما يزيد عن 175 صحفيًا غادروا القطاع بسبب التهديدات الاسرائيلية.

    ونشرت منظمة مراسلون بلا حدود في تقرير لها، أن فلسطين أصبحت أخطر دولة في العالم على الإعلاميين، لافتةً إلى أن الصحفيين في غزة محاصرون ولا يجدون مأوى، ويعانون من نقص حاد في الغذاء والماء، وقتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 200 صحفي خلال أول 18 شهراً من العدوان، منهم 42 أثناء تأديتهم لواجبهم المهني، بينما زُج بعشرات آخرين في السجون الإسرائيلية.

    وأبرزت المنظمة أنه في الضفة الغربية يتعرض الصحفيون للاعتداءات والمضايقات من قبل المستوطنين والقوات الإسرائيلية، بينما أصبحت قاعدة الإفلات من العقاب هي السائدة في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.

    وأظهرت لجنة حماية الصحفيين الدولية( CPJ)، في بيان لها لها، أن العام الماضي 2024 شهد عددًا قياسيًا من الصحفيين الذين قُتلوا في جميع أنحاء العالم، وتتحمل الاحتلال المسؤولية نحو 70% من إجمالي الضحايا.

    وتبعًا للبيان، جاءت الزيادة العالمية في عمليات قتل الصحفيين، التي بلغت 22% مقارنة بعام 2023، مدفوعةً بشكل رئيسي بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي أسفر عن مقتل 85 صحفيًا، جميعهم على يد الجيش الإسرائيلي.

    ويؤكد الأسطل أنه حتى اللحظة ليس هناك ضغطا دوليا واضحا على الاحتلال الإسرائيلي يجبره على وقف الجرائم بحق الصحفيين ويُمكِّنهم من الشعور بالحماية والأمان وبالقدرة على القيام بالواجب المهني والإنساني، مطالبًا المنظمات الدولية والإنسانية الخروج عن صمتها وقول الحقيقة وكشفها بالأرقام والخبراء والتحقيقات الواضحة حول ما يحدث في حرب الإبادة في قطاع غزة، وتشكيل لجنة تحقيق دولية للبحث في كافة الجرائم المرتكبة بحقهم.

    ويختتم حديثه قائلًا: “لا بد من مساندة الصحفي الفلسطيني وحمايته؛ لأنه يتعرض إلى حرب إبادة إسرائيلية واضحة”، مؤكدًا وجود الدعم الكامل من الاتحاد الدولي للصحفيين ووقوفه إلى جانبهم، منوهًا إلى أن الدعم يجب أن يتعدى وصولًا إلى المؤسسات الدولية والإنسانية وخاصة الأمم المتحدة، وأن تمضي محكمة الجناية الدولية في إجراءاتها بالخروج عن عجزها والمباشرة بالتحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال ضد الصحفيين.

    الخوف يرافق ظلهم والموت يتربص بهم..لكن رسالتهم أقوى من السلاح

    بدوره، يفيد المراسل الصحفي، معين شلولة، بكونه محظوظًا نسبيًا بتعرضه لمرة أو اثنتين لخطر الاستهداف غير المباشر في العدوان الحالي على قطاع غزة؛ لتواجده في بؤر ساخنة بالأحداث، لافتًا إلى تعرضه في الحروب السابقة أكثر من مرة لخطر الاستهدافين المباشر وغير المباشر من قبل الاحتلال، ولكنه لم يفارق الحياة.

    ويفصح شلولة عن شعوره قائلًا: “أذهب لتغطية الأحداث حاملًا روحي على راحتي؛ فتارة أنجو وتارة أخاف وتارة أضطرب وتارة أتوتر، ولكنني في جميع الأحوال أواصل نقل رسالتي؛ إيمانًا بدوري ووظيفتي كونها مسؤولية مهنية ووطنية ملقاة على عاتقي يجب عليَّ القيام بها على أكمل وجه”.

    ويستنكر الادعاءات الإسرائيلية التي تفيد بأن الصحافة الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الإرهاب؛ لافتًا إلى أن الاحتلال تغتاظ وتقهر بشدة؛ لقيام الصحفيين الفلسطينيين بنقل ما لا يحلو لها من حقائق تهدد رسالتها وكذبها أمام العالم، وبالتالي تُلفِّق التهم الجاهزة بحقهم دون وجود أي مبرر.

    ويدلل شلولة على حديثه قائلًا: “80% من الصحفيين الذين قتلوا في العدوان الإسرائيلي الحالي على معرفة شخصية بهم، فهم ليس لهم علاقة بأيِّ فصائل أو أحزاب وحتى بأعمال عسكرية، وإنما تواجدوا في الميدان لأنهم حريصون على نقل رسالتهم والحصول على لقمة عيشهم، وبالتالي تعمد الاحتلال قتلهم؛ لأنهم يهددون دعايته الكاذبة وبالتالي لا بد من التخلص منهم في نظره”.

    ويسرد أن نسبة لا بأس بها من المجتمع الفلسطيني لم تعد مهتمة بإيصال صوتها عبر الاعلام؛ ليأسهم من العدالة الدولية والكذب الذي يهيمن على التعاطي مع مظلمتهم، فالعالم يتكلم ولا يفعل ويدافع دون أن يحرك ساكنًا، فضلًا عن تخوفهم من الظهور في الوسائل الإعلامية؛ لقيام الاحتلال باستهداف الصحفيين ومتابعتها مثل هذه النشاطات، مختارةً في بعض الأحيان مجموعة من الأهداف نتيجة ظهورها في الإعلام.

    وترى الصحفية ظريفة أبو قورة، أن الصحفيين الفلسطينيين يتعايشون مع خوف خطر استهدافهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتبرير ذلك بأنهم ضمن القوائم الإرهابية أو الانتساب لصفوف المقاومة العسكرية، مؤثرًا ذلك بصورة سلبية على حالتها النفسية، مؤكدةً قيامها بنقل الرواية لا أكثر.

    وتحترم أبو قورة رفض المدنيين التحدث والظهور معهم؛ لخطر الاستهداف المحتمل، شاعرةً بجراح أبناء شعبها في ظل وصول عدد الشهداء إلى عشرات الآلاف في حرب الإبادة الإسرائيلية الممارسة ضدهم، مؤكدةً بقاءها في الميدان دومًا؛ لإيصال صوتهم ومعاناتهم.

    وترد أبو قورة على الرواية الإسرائيلية المضللة قائلة: “سنبقى نعمل بصورة مستمرة، مفندين هذه الادعاءات، وصولًا إلى هدفنا بإثبات حق الصحفي الفلسطيني وأبناء شعبه”.

    نموتُ لتحيا الحقيقة”..وصية الصحفي الفلسطيني الأخيرة

    يعلم كل صحفي فلسطيني أنه قد يكون الضحية التالية، لكنه يرفض أن تموت الحقيقة قبله؛ فكل شهيد منهم لم يكن مجرد رقم في تقرير، بل كان عينًا توثق حدثا وقلما يروي قصة، وصوتًا يصرخ في عالم اختار الصمت والسكوت دون أن يحرك ساكنًا؛ فقتلت الصحافة مرتين.

    يبقى الاستمرار الكلمة الأخيرة لهم، ولو كانوا تحت الأنقاض؛ فهم أحياء يرزقون في كل حرف كتبوه لنقل الحقيقة، وفي كل صورة التقطوها لتوثيق ما يجري، وفي كل دمعة سكبتها أعينهم لتستنكر الصمت العالمي بحقهم وحق أبناء شعبهم.

    رابط المقالة المختصر: https://kashif.ps/43ia
    شاركها.
    Chat Icon